الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

 

الوطن:  أمنٌ ونماء ( الخطبة الأولى)

الحَمْدُ للهِ الذِي مَنَّ عَلَينَا بِوَطَنٍ مِنْ خِيرَةِ الأَوطَانِ، وَنشَرَ عَلَينا فِيهِ مَظَلَّةَ الاستِقْرَارِ والأمن والأَمَانِ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا ونَبِيَّنا مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، المَبْعُوثُ بِالهِدَايَةِ والإِحْسَانِ، وأَفْضَلُ دَاعٍ إِلى البِرِّ والإِيمَانِ، -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَى آلهِ والأَصْحَابِ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلى يَوْمِ الدين ، أَمَّا بَعْدُ: فيا عباد الله ، أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته، }{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ *وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. [آل عمران: 102 - 103]  عباد الله: إنَّ علينا أنْ نتَذَكُّرَ نِعمَ اللهِ تعالى علينا في هذا الوطن المِعْطاء – المملكة العربية السعودية - ، وأنْ نجتهدَ في شُكرِ اللهِ تعالى، كما قال عز وجل :(لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم 7].  وإنَّ منْ أعظمِ هذه النِّعَم : نِعمةُ التوحيدِ والسُّنة ؛ حيثُ تَوَحَّدتْ البلادُ على كلمةِ التوحيد، وطُمُستْ مظاهرُ الشركِ والبدع ، عندما قامت هذه الدولة المباركة على الإيمان والتقوى حينما التقى الإمام محمد بن سعود - رحمه الله-  ، بالداعية الإمام محمد بن عبدالوهاب- رحمه الله-  فتعاونا وتعاهدا على تأسيس هذه الدولة على العقيدة والتوحيد ، فوفق الله المساعي وبارك في الجهود فكانت هذه الثمار اليانعة التي ننْعَمُ بها والتي ينْعَمُ بها جميعُ سكان هذه البلاد منذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا، ومن نعم الله علينا : نِعمةُ اجتماعِ الكلمة، ووَحدَةِ الصف ؛  فبعْدَ أن كانت الجزيرةُ قبائلَ متناحرةً، أصبحتْ واحةَ محبةٍ وسلام، ومن تلك النعم :نِعمةُ الأَمْنِ وَالسَّلاَم، وَالوَحْدَةِ والوِئَام ، ونعمةُ الرَّغَد في العيش، بما أنعم الله على هذه البلاد  من خيراتٍ وكنوز، إننا في هذه البلاد المُباركة في رحاب الحرمين الشريفين، في المملكة العربية السعودية، الدينُ هو الظاهرُ، وشرعُ الله هو المُحكَّم، أسبغَ الله علينا نعمَه ظاهرةً وباطنةً، بلادٌ آمنةٌ مُستقرَّة يفِدُ إليها الوافِدون، ويرغبُ إليها الراغِبون، يبذُلون الغالِيَ والنفيس لسُكناها والعيش فيها ابتِغاءَ ظلِّ أمنها الوارِف، وعيشِها الكريم،

 

عباد الله : وإن من نعم الله علينا أن وطننا – المملكةَ العربيةَ السعودية – وطنٌ قام على نشرِ التوحيد والعقيدةِ السَّلفيةِ الصحيحةِ و محاربةِ الشركِ والبِدع ، وطنٌ يُحَكِّمُ شرْعَ الله تعالى ، ودستورُه القرآنُ والسُّنة ، وطنٌ ولاةَ أمرِه يسعون إلى نشر الدين الإسلامي وغرسِه في نفوس الناس على المستويين الداخلي والخارجي، ويبذُلون في ذلك شتى الجهود ، وطنٌ شرَّفَه اللهُ وشرَّفَ أهلَه والوافدين إليه بالحرمين الشريفين، وطنٌ خُصَّ بمبْعثِ خير المرسلين ، وانطلاقِ دعوةِ التوحيد من فجاجه، وطنٌ تثوبُ إليه من كلِّ فجٍ عميقٍ قوافلُ الحجيجِ ملبيةً بشعار التوحيد،  وطن نشأنا على أرضه مُنذُ نعومةِ أظفارنا نأكلُ ونشربُ من خيراته ولله الحمد .              عباد الله : وَإِنَّ مِنَ الوَفَاءِ لِلوَطَنِ الوقُوفَ بِحَزْمٍ وَصَرَامَةٍ فِي وَجْهِ الأَفْكَارِ الدَّخِيلَةِ ومُرَوِّجِيها، والتَّصَدِّي لِلثَّقَافَةِ السَّقِيمَةِ ونَاشِرِيها؛ لأن العَبَثَ بِالمُنْجَزَاتِ، وتَعْطِيلَ المَرَافِقِ وَالخَدَمَاتِ، وَزَعْزَعَةَ وَحْدَةِ المُجتَمَعات مِنْ خِيَانَةِ الأَمَانَةِ وَالإِفْسَادِ فِي الأَرْضِ، تَوَعَّدَ اللهُ عَلَيْها أَلِيمَ العَذَابِ، وَأَعَدَّ لِمُرتَكِبِيها شَدِيدَ العِقَابِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وتعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة  (7) .  وإنَّ جوهرَ الوطنيةِ بيعةٌ في العُنق، وأداءٌ للحق، وولاءٌ وطاعة، وعدمُ خروجٍ على الجماعة ، قال صلى الله عليه وسلم : (مَن خَلَعَ يَدًا مِن طَاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَومَ القِيَامَةِ لا حُجَّةَ له، وَمَن مَاتَ وَليسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ) .  صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1851 | ، وعن ابن عمرَ رضيَ اللهُ عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (السَّمْعُ والطَّاعَةُ علَى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيما أحَبَّ وكَرِهَ، ما لَمْ يُؤْمَرْ بمَعْصِيَةٍ، فإذا أُمِرَ بمَعْصِيَةٍ فلا سَمْعَ ولا طاعَةَ.) أخرجه البخاري (2955 )، ومسلم (1839).                                                                                              أعوذ بالله من الشيطان الرجيم  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء : 59 بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم ، إنه تعالى جواد كريم ملك بر رؤوف رحيم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله خالقِ الوجودِ الذي إذا أعطى فليس لعطائه حُدود، وإذا جاد فليس بعد جوده جود، أحمَدُه سبحانَه وأشكرُه على عظيم عطاءه الممدود، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له شهادةً أرجو بها النجاةَ من ضيق الُّلحود ، والفوزَ بجناتِ الخُلود، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه نشرَ اللهُ به مِلَّةَ التوحيد، ودَحَرَ به أهلَ الكُفرِ والجُحود ، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلمَ عدَدَ ما خلَقَ اللهُ في الوجود أما بعد : فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وشُكْرِه على نِعَمِه الكثيرة ، وإنَّ من نِعمِ اللهِ علينا أنْ هيَّأَ لهذا البلد الكريم قادةً وَحَّدوا أرجاءَه على رايةِ التوحيد ، فلما قام المؤسسُ الإمامُ محمدُ بنُ سعودٍ بمساندة دعوةِ الشيخِ محمدِ بنِ عبدِ الوهاب والتي تدعو إلى محاربة الشرك ونشر التوحيد، ساندَه اللهُ ومكَّنَ له ، وتلك سُنَّةٌ إلهية وضعَها الباري لنا في آياتٍ تتلى إلى يوم القيامة حيث يقول سبحانه وتعالى :{..وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40)}الحج، ،ويقول جلَّ شأنه:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(55)}النور . عباد الله:  إنَّ حُبَّ الوطنِ يكونُ بالدفاع عنه وعن مُقدَّساته ومواطنيه ، حُبُّ الوطن باحترام الكبيرِ والعطفِ على الصغير، واحترامِ الجارِ ، واحترامِ النظامِ ونظافةِ المجتمعِ حِسِّياً ومعنوياً ، حبُّ الوطنِ بالحرص على كلِّ مُمتلكاته والتعاملِ بأخلاقِ المسلم مع المسلم في كلِّ مكان،  عباد الله : إنَّ كلَّ من يتعرضُ لأمنِ هذه البلاد بسوءٍ فإنما هو ناكثٌ للعهد جاحدٌ للمعروف منكرٌ للنِّعمة مثيرٌ للفتنة جالبٌ للنقمة، وإنَّ علينا أنْ نتمسكَ بكتاب ربِّنا وبسنةِ نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأنْ نتعاونَ مع وُلاةِ أمورِنا في حفظ الأمنِ وفي الحِفاظِ على ممتلكاتِ هذا البلد الكريم – المملكة العربية السعودية- ، ويَجبُ علينا الالتفافُ حولَ قيادتِنا الرشيدةِ وعلى رأسِها خادمُ الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، ووليُّ عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله –

 

.    فلنتقِّ اللهَ  -عِبَادَ اللهِ-، ولنحرِصْ على صِيانةِ مُنْجَزَاتِ الوطن ، ولْنحافظْ عَلَى لُحْمَةِ البناء وَوَحْدَةِ الصَّفِّ ، ولنجتهدْ فِي الرُّقِيِّ بِوَطَنِنا الغالي ،ولنبذُلْ كلَّ ما في وُسعِنا لذلك ، وصلُّوا وسلِّموا على نبينا محمدٍ رسولِ الله، ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)  اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم  ، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا واجتماع كلمتنا ، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتوفيقك وأيده بتأييدك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين، اللهم وفق ولي عهده الأمير / محمد بن سلمان لكل خير وارزقه البطانة الصالحة يا رب العالمين ، اللهم أصلح أحوالَ بلادِ المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين،  اللهم مَنْ أرادنا وأراد ديننا وبلادنا وأمنَنا وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا واجتماعَ كلمتِنا بسوءٍ فأشْغِله بنفسه، واجعلْ كيدَه في نحره، واجعل تدبيرَه تدميرًا عليه يا رب العالمين. اللهم وفق جنودَنا ورجالَ أمننا وانصرْهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين ، اللهم وفق علماءنا لما تحبُّ وترضى ، اللهم اشف مرضانا ، وارحم موتانا ، وأحسن ختامنا ، ووفقنا لما تحب وترضى يا رب العالمين، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين  ((رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))عباد الله/ ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون .         

0 التعليقات:

إرسال تعليق