الأربعاء، 22 ديسمبر 2021
الجمعة، 3 ديسمبر 2021
الاثنين، 22 نوفمبر 2021
الاستهزاء والسخرية (خطبة)
الأحد، 14 نوفمبر 2021
حي على الصلاة (خطبة)
الأربعاء، 10 نوفمبر 2021
حي على الصلاة (خطبة)
الأحد، 7 نوفمبر 2021
الفأل الحسن (خطبة)
الجمعة، 29 أكتوبر 2021
الجمعة، 22 أكتوبر 2021
الجمعة، 15 أكتوبر 2021
الاثنين، 11 أكتوبر 2021
المخدرات: خطرها، أضرارها، حرمة تعاطيها
الجمعة، 1 أكتوبر 2021
الجمعة، 17 سبتمبر 2021
الأربعاء، 15 سبتمبر 2021
الوطن: أمنٌ ونماء ( الخطبة
الأولى)
الحَمْدُ للهِ الذِي مَنَّ عَلَينَا
بِوَطَنٍ مِنْ خِيرَةِ الأَوطَانِ، وَنشَرَ عَلَينا فِيهِ مَظَلَّةَ الاستِقْرَارِ
والأمن والأَمَانِ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ
لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا ونَبِيَّنا مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ،
المَبْعُوثُ بِالهِدَايَةِ والإِحْسَانِ، وأَفْضَلُ دَاعٍ إِلى البِرِّ
والإِيمَانِ، -صلى الله عليه وسلم- وَعَلَى آلهِ والأَصْحَابِ، وَعَلَى مَنْ
تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلى يَوْمِ الدين ، أَمَّا بَعْدُ: فيا عباد الله ، أوصيكم
ونفسي بتقوى الله وطاعته، }{يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ
إلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ *وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا
تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وَكُنتُمْ
عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}. [آل عمران: 102 - 103] عباد الله: إنَّ علينا أنْ نتَذَكُّرَ نِعمَ
اللهِ تعالى علينا في هذا الوطن المِعْطاء – المملكة العربية السعودية - ، وأنْ
نجتهدَ في شُكرِ اللهِ تعالى، كما قال عز وجل :(لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ
وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم 7]. وإنَّ منْ أعظمِ هذه النِّعَم : نِعمةُ
التوحيدِ والسُّنة ؛ حيثُ تَوَحَّدتْ البلادُ على كلمةِ التوحيد، وطُمُستْ
مظاهرُ الشركِ والبدع ، عندما قامت هذه الدولة المباركة على
الإيمان والتقوى حينما التقى الإمام محمد بن سعود - رحمه الله- ، بالداعية الإمام محمد بن عبدالوهاب- رحمه
الله- فتعاونا وتعاهدا على تأسيس هذه
الدولة على العقيدة والتوحيد ، فوفق الله المساعي وبارك في الجهود فكانت هذه
الثمار اليانعة التي ننْعَمُ بها والتي ينْعَمُ بها جميعُ سكان هذه البلاد منذ ذلك
التاريخ وإلى يومنا هذا، ومن نعم الله علينا : نِعمةُ اجتماعِ الكلمة، ووَحدَةِ
الصف ؛ فبعْدَ أن كانت الجزيرةُ
قبائلَ متناحرةً، أصبحتْ واحةَ محبةٍ وسلام، ومن تلك النعم :نِعمةُ الأَمْنِ
وَالسَّلاَم، وَالوَحْدَةِ والوِئَام ، ونعمةُ الرَّغَد في العيش، بما أنعم
الله على هذه البلاد من خيراتٍ وكنوز، إننا في هذه البلاد المُباركة في رحاب الحرمين
الشريفين، في المملكة العربية السعودية، الدينُ هو الظاهرُ، وشرعُ الله هو
المُحكَّم، أسبغَ الله علينا نعمَه ظاهرةً وباطنةً، بلادٌ آمنةٌ مُستقرَّة يفِدُ
إليها الوافِدون، ويرغبُ إليها الراغِبون، يبذُلون الغالِيَ والنفيس لسُكناها
والعيش فيها ابتِغاءَ ظلِّ أمنها الوارِف، وعيشِها الكريم،
عباد الله : وإن من نعم الله علينا أن
وطننا – المملكةَ العربيةَ السعودية – وطنٌ قام على نشرِ التوحيد والعقيدةِ
السَّلفيةِ الصحيحةِ و محاربةِ الشركِ والبِدع ، وطنٌ يُحَكِّمُ شرْعَ الله تعالى
، ودستورُه القرآنُ والسُّنة ، وطنٌ ولاةَ أمرِه يسعون إلى نشر الدين الإسلامي
وغرسِه في نفوس الناس على المستويين الداخلي والخارجي، ويبذُلون في ذلك شتى الجهود
، وطنٌ شرَّفَه اللهُ وشرَّفَ أهلَه والوافدين إليه بالحرمين الشريفين، وطنٌ خُصَّ
بمبْعثِ خير المرسلين ، وانطلاقِ دعوةِ التوحيد من فجاجه، وطنٌ تثوبُ إليه من كلِّ
فجٍ عميقٍ قوافلُ الحجيجِ ملبيةً بشعار التوحيد، وطن نشأنا على أرضه مُنذُ نعومةِ أظفارنا نأكلُ
ونشربُ من خيراته ولله الحمد .
عباد الله : وَإِنَّ مِنَ الوَفَاءِ لِلوَطَنِ الوقُوفَ بِحَزْمٍ
وَصَرَامَةٍ فِي وَجْهِ الأَفْكَارِ الدَّخِيلَةِ ومُرَوِّجِيها، والتَّصَدِّي
لِلثَّقَافَةِ السَّقِيمَةِ ونَاشِرِيها؛ لأن العَبَثَ بِالمُنْجَزَاتِ،
وتَعْطِيلَ المَرَافِقِ وَالخَدَمَاتِ، وَزَعْزَعَةَ وَحْدَةِ المُجتَمَعات مِنْ
خِيَانَةِ الأَمَانَةِ وَالإِفْسَادِ فِي الأَرْضِ، تَوَعَّدَ اللهُ عَلَيْها
أَلِيمَ العَذَابِ، وَأَعَدَّ لِمُرتَكِبِيها شَدِيدَ العِقَابِ، قَالَ
سُبْحَانَهُ وتعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ
يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ
يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي
الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة (7)
. وإنَّ جوهرَ
الوطنيةِ بيعةٌ في العُنق، وأداءٌ للحق، وولاءٌ وطاعة، وعدمُ خروجٍ على الجماعة ، قال
صلى الله عليه وسلم : (مَن خَلَعَ يَدًا مِن طَاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَومَ
القِيَامَةِ لا حُجَّةَ له، وَمَن مَاتَ وَليسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ
مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ) . صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 1851 | ، وعن ابن عمرَ رضيَ اللهُ عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(السَّمْعُ والطَّاعَةُ علَى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيما أحَبَّ وكَرِهَ، ما لَمْ
يُؤْمَرْ بمَعْصِيَةٍ، فإذا أُمِرَ بمَعْصِيَةٍ فلا سَمْعَ ولا طاعَةَ.) أخرجه البخاري (2955 )، ومسلم (1839). أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي
الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ
وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء : 59 بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني
وإياكم بالآيات والذكر الحكيم ، إنه تعالى جواد كريم ملك بر رؤوف رحيم فاستغفروه
إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدُ
لله خالقِ الوجودِ الذي إذا أعطى فليس لعطائه حُدود، وإذا جاد فليس بعد جوده جود، أحمَدُه
سبحانَه وأشكرُه على عظيم عطاءه الممدود، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ
له شهادةً أرجو بها النجاةَ من ضيق الُّلحود ، والفوزَ بجناتِ الخُلود، وأشهدُ أنَّ
محمداً عبدُه ورسولُه نشرَ اللهُ به مِلَّةَ التوحيد، ودَحَرَ به أهلَ الكُفرِ والجُحود
، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلمَ عدَدَ ما خلَقَ اللهُ في الوجود أما بعد : فيا
عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وشُكْرِه على نِعَمِه الكثيرة ، وإنَّ من
نِعمِ اللهِ علينا أنْ هيَّأَ لهذا البلد الكريم قادةً وَحَّدوا أرجاءَه على رايةِ
التوحيد ، فلما قام المؤسسُ الإمامُ محمدُ بنُ سعودٍ بمساندة دعوةِ الشيخِ محمدِ
بنِ عبدِ الوهاب والتي تدعو إلى محاربة الشرك ونشر التوحيد، ساندَه اللهُ ومكَّنَ
له ، وتلك سُنَّةٌ إلهية وضعَها الباري لنا في آياتٍ تتلى إلى يوم القيامة حيث
يقول سبحانه وتعالى :{..وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ
لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40)}الحج، ،ويقول جلَّ شأنه:{وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(55)}النور . عباد الله: إنَّ حُبَّ الوطنِ يكونُ بالدفاع عنه وعن مُقدَّساته
ومواطنيه ، حُبُّ الوطن باحترام الكبيرِ والعطفِ على الصغير، واحترامِ الجارِ ، واحترامِ
النظامِ ونظافةِ المجتمعِ حِسِّياً ومعنوياً ، حبُّ الوطنِ بالحرص على كلِّ مُمتلكاته
والتعاملِ بأخلاقِ المسلم مع المسلم في كلِّ مكان، عباد الله : إنَّ
كلَّ من يتعرضُ لأمنِ هذه البلاد بسوءٍ فإنما هو ناكثٌ للعهد جاحدٌ للمعروف منكرٌ
للنِّعمة مثيرٌ للفتنة جالبٌ للنقمة، وإنَّ علينا أنْ نتمسكَ بكتاب ربِّنا
وبسنةِ نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأنْ نتعاونَ مع وُلاةِ أمورِنا في حفظ
الأمنِ وفي الحِفاظِ على ممتلكاتِ هذا البلد الكريم – المملكة العربية السعودية- ،
ويَجبُ علينا الالتفافُ حولَ قيادتِنا الرشيدةِ وعلى رأسِها خادمُ الحرمين
الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، ووليُّ عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان –
حفظهما الله –
. فلنتقِّ اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، ولنحرِصْ على صِيانةِ مُنْجَزَاتِ
الوطن ، ولْنحافظْ عَلَى لُحْمَةِ البناء وَوَحْدَةِ الصَّفِّ ، ولنجتهدْ فِي
الرُّقِيِّ بِوَطَنِنا الغالي ،ولنبذُلْ كلَّ ما في وُسعِنا لذلك ، وصلُّوا
وسلِّموا على نبينا محمدٍ رسولِ الله، ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا) اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على
عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم ،
وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء
الأربعة الراشدين: أبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين،
والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا
أكرم الأكرمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ، اللهم
اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، اللهم احفظ
علينا أمننا واستقرارنا واجتماع كلمتنا ، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة
أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بتوفيقك
وأيده بتأييدك وارزقه البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين، اللهم وفق ولي عهده
الأمير / محمد بن سلمان لكل خير وارزقه البطانة الصالحة يا رب العالمين ، اللهم
أصلح أحوالَ بلادِ المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم مَنْ أرادنا وأراد ديننا وبلادنا وأمنَنا
وولاةَ أمرِنا وعلماءَنا واجتماعَ كلمتِنا بسوءٍ فأشْغِله بنفسه، واجعلْ كيدَه في
نحره، واجعل تدبيرَه تدميرًا عليه يا رب العالمين. اللهم وفق جنودَنا ورجالَ أمننا
وانصرْهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين ، اللهم وفق علماءنا لما تحبُّ وترضى ،
اللهم اشف مرضانا ، وارحم موتانا ، وأحسن ختامنا ، ووفقنا لما تحب وترضى يا رب
العالمين، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ((رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً
وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))عباد الله/ ((إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ))
فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما
تصنعون .
الجمعة، 10 سبتمبر 2021
تعليق التمائم ( الخطبة الأولى )
الحمد
لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين أما بعد : فيا عباد الله، : أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى
اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]. يقول
الله تعالى : }وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ
فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ
لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ{ يونس (107) يقول السعدي – رحمه الله – في تفسيره
لهذه الآية :" هذا من أعظم الأدلة على أن اللهَ وحده المستحقُّ للعبادة، فإنه
النافعُ الضار، المُعطي المانع، الذي إذا مسَّ بضُرٍ، كفقرٍ ومرضٍ، ونحوِها { فَلَا
كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ } لأن الخلقَ، لو اجتمعوا على أن ينفعوا بشيء، لم ينفعوا
إلا بما كتبه الله، ولو اجتمعوا على أن يضروا أحدا، لم يقدروا على شيء من ضرره،
إذا لم يُرِدْهُ اللهُ، ولهذا قال: { وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ
لِفَضْلِهِ } أي: لا يقدر أحد من الخلق، أن يردَّ فضلَه وإحسانَه، كما قال تعالى:
{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ، فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا
يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ } { يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ
مِنْ عِبَادِهِ } أي: يختصُّ برحمته من شاء من خلقه، والله ذو الفضل العظيم، {
وَهُوَ الْغَفُورُ } لجميع الزلات، الذي يوفِّقُ عبدَه لأسباب مغفرتِه، ثم إذا
فعلها العبدُ، غفر اللهُ ذنوبَه، كبارَها، وصغارَها.{ الرَّحِيمِ } الذي وسِعتْ
رحمتُه كلَّ شيء، ووصلَ جودُه إلى جميع الموجودات، بحيث لا تستغنى عن إحسانه، طرْفةَ
عين، فإذا عرفَ العبدُ بالدليل القاطع، أن اللهَ، هو المنفردُ بالنعم، وكشْفِ النِّقم،
وإعطاءِ الحسنات، وكشْفِ السيئات والكُرُبات، وأن أحدًا من الخلق، ليس بيده من هذا
شيءٌ إلا ما أجراه اللهُ على يده، جَزَمَ بأنَّ اللهَ هو الحقُّ، وأنَّ ما يدعون
من دونه هو الباطل" عباد الله : وفي كتاب مجموع فتاوى ابن باز المجلد الثامن ص 304 سئل – رحمه الله- عن شرح حديث: «من علق تميمة فقد
أشرك »صحيح الجامع الصفحة أو الرقم: 6394 فأجاب بقوله : " هذا الحديث ورد
باللفظ الآتي: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه
وسلم يقول: « إنَّ الرُّقى، والتَّمائمَ، والتِّوَلةَ شِركٌ"، رواه أحمد وأبو
داود، سنن
أبي داود الطب (3883) ، مسند أحمد بن حنبل (1/381) والتمائم: شيء يعلق على الأولاد من
العين، وهي ما تسمى عند بعض الناس بالجوامع وبالحجب والحروز، وقد قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «من تعلَّقَ تميمةً فلا أتمَّ اللهُ له » مسند أحمد بن حنبل (4/154) . ، وفي رواية: «من تعلق تميمةً فقد
أشرَكَ » مسند أحمد بن حنبل (4/156) . والعِلِّةُ في كونِ تعليقِ التمائمِ
من الشرك هي واللهُ أعلم: أن من علَّقَها سيعتقدُ فيها النفعَ، ويميلُ إليها
وتنصرفُ رغبتُه عن اللهِ إليها، ويضعُفُ توكُّلُه على الله وحده، وكلُّ ذلك كافٍ
في إنكارها والتحذيرِ منها، وفي الأسباب المشروعة والمباحة ما يُغني عن التمائمِ،
وانصرافُ الرغبةِ عن اللهِ إلى غيرِه شركٌ به، أعاذنا الله وإياكم من ذلك. وتعليقُ
التمائمِ يعتبرُ من الشرك الأصغر ما لم يعتقدْ مُعلِّقَها بأنها تدفعُ عنه الضررَ
بذاتِها دونَ الله، فإذا اعتقدَ هذا الاعتقادَ صار تعليقُها شِركا أكبر" مجموع فتاوى ابن باز المجلد الثامن ص
304
وهكذا – أيها المسلمون – فقد كان النَّبيُّ
صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حريصًا على بِناءِ العَقيدةِ الصَّافيةِ في قُلوبِ
المؤمِنينَ، وتَخليصِها من آثارِ الجاهِليَّةِ السَّيِّئةِ، ومن ذلك بِناءُ
عَقيدةِ التَّوكُّلِ على اللهِ، وعَدمُ اعْتِقادِ أنَّ النَّفعَ والضُّرَّ يُمكِن
أن يَأتي من غيره؛ فَكلُّ شَيءٍ في الكونِ مِن قَدرِ اللهِ ،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم } قُل
لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ{ التوبة (51)
بارك
الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم إنه تعالى
جواد كريم ملك بر رؤوف رحيم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة
الثانية
الْحَمْدُ
للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ،
وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى
اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
كَثِيرًا.. أما بعد فيا عباد الله : فقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
رَفيقًا بالنَّاسِ، فكانَ يَأمُرُهم بما فيه نَفْعُهم في الدِّينِ والدُّنيا،
ويُصَوِّبُ لهم ما اعتادوا عليه مِنَ الأفعالِ التي يَكونُ فيها ضَرَرٌ
بعَقائِدِهم أو مَنافِعِ حياتِهم ففي صحيح البخاري عن أبي بشير
الأنصاري – رضي الله عنه- " أنَّهُ كانَ مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، في بَعْضِ أسْفَارِهِ، قَالَ عبدُ اللَّهِ: حَسِبْتُ أنَّه
قَالَ: والنَّاسُ في مَبِيتِهِمْ، فأرْسَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ، رَسولًا أنْ: لا يَبْقَيَنَّ في رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِن وتَرٍ،
أوْ قِلَادَةٌ إلَّا قُطِعَتْ" صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3005 | وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو بَشيرٍ الأنصاريُّ
رَضيَ اللهُ عنه أنَّهُ كانَ مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَعضِ
أسفَارِه، وكان النَّاسُ في مَكانِ نَومِهمُ الذي يَبيتونَ فيه في رِحالِهم
وخيامِهم، فأرسَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَخصًا إلى مَن كان معه،
قيل: هو مولاه زيدٌ، فأمَرَهم ألَّا تَبْقى قِلادةٌ مِن وَتَرٍ في رَقَبةِ بَعيرٍ،
وأنْ تُقطَعَ جَميعُ هذه القَلائدِ.
والقِلادةُ:
ما يُعلَّقُ في العُنُقِ مِن جَرَسٍ أو نَعلٍ أو غَيرِه، والوَتَرُ: هو وَتَرُ
القَوسِ، وهو عَصَبٌ مِثلُ خَيطٍ مَتينٍ كانوا يَشُدُّونَ به طَرَفَيِ القَوسِ،
وكانوا يُقلِّدونَها ذلك حَذَرًا مِنَ العَينِ، فأُمِروا بقَطْعِها؛ إيذانًا
بأنَّها لا تَرُدُّ مِن قَضاءِ اللهِ تعالَى شَيئًا. وقيلَ: إنَّما نَهَى عنِ التَّقليدِ
بالأوتارِ؛ لِأنَّ الدَّوابَّ تَتأذَّى بذلك، ورُبَّما تَعلَّقَ ذلك بشَجَرٍ،
فتَختَنِقُ فتَموتُ، ولِئَلَّا تَختَنِقَ الدَّابَّةُ بها عِندَ شِدَّةِ الرَّكضِ
والجَرْيِ، أو لِأنَّهم كانوا يُعلِّقونَ بها الأجراسَ، وفي حَديثِ مُسلِمٍ عن أبي
هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه: «لا تَصحَبُ المَلائِكةُ رُفقةً فيها كَلبٌ ولا
جَرَسٌ». وفي الحَديثِ: الحِرصُ على تَخليصِ التَّوحيدِ، وسَدِّ ذَرائِعِ
الشِّركِ، فاتقوا
الله عباد الله وصلُّوا وسلِّموا على نبينا محمدٍ رسولِ الله، ((إِنَّ اللَّهَ
وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه
أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان،
وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا
معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين،
وأذل الشرك والمشركين ، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات
الأحياء منهم والأموات ، اللهم آمِنَّا في
أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق إمامنا خادمَ الحرمين الشريفين
الملكَ سلمانَ بنَ عبدِالعزيز بتوفيقك، وأعِزَّه بطاعتك، واجعله نُصرةً للإسلام
والمسلمين، واجمع به كلمة المسلمين على الحق والهدى يا رب العالمين ، اللهم وفق
ولي عهده الأمير/ محمد بن سلمان لكل خير وارزقه البطانةَ الصالحة يا رب العالمين ،
اللهم من أرادنا وأراد ديننا وبلادنا وأمنَنا وولاة أمرنا وعلماءنا واجتماع كلمتنا
بسوءٍ فأشغِله بنفسه، واجعل كيدَه في نحره، واجعل تدبيرَه تدميرًا عليه يا رب
العالمين. اللهم وفق جنودنا ورجال أمننا وانصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين ،
اللهم وفق علماءنا لما تحب وترضى ، ربنا إنا ظلمنا أنفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا
لنكونن من الخاسرين ((رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))عباد
الله/ ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي
الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر
الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون .
الفأل
الحسن ( الخطبة الأولى)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيا عباد الله أوصيكم
ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته ولنعلم أننا بحاجة إلى التفاؤل الذي اصطحبه نبيُّنا
- صلى الله عليه وسلم - في حياته كلِّها قولاً وعملاً؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم
: (- (لا طِيَرَةَ ، وخَيرُها الفَألُ . قالوا : وما الفألُ يا رسولَ اللَّهِ ؟
قالَ : الكلِمَةُ الصَّالحةُ يسمعُها أحدُكم ) صحيح
البخاري الصفحة أو الرقم: 5755 ، وكان يقولُ لِخَبَّاب في أوْجِ الشِّدةِ التي يلقاها من المشركين:
(ولَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ، حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت ما يخافُ
إلا اللهَ والذئبَ على غنمِه) صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3852 ، وكان إذا استسقى قَلَبَ رداءَه بعد
الخُطْبة؛ تفاؤلاً بتحوِّلِ حالِ الجَدْبِ إلى الخِصْب، وهكذا كانتْ حياةُ رسولِ
الله - صلى الله عليه وسلم - مليئةً بالتفاؤل، كان يتفاءَل بالأمْكِنة والأسْماء،
قال لأبي بكرٍ وهو يفْترِشُ معه ترابَ الغارِ، والكُفَّارُ مِنْ حولِه :( ما
ظَنُّكَ يا أبَا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟!) صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3653 | ،عباد الله: لقد سلَك الإسلامُ كُلَّ سبيلٍ
في غَرْسِ رُوحِ التفاؤلِ بالخير في المجتمع المسلمِ، فأمَرَنا -صلى الله عليه وسلم-
بأنْ نَلْقى إخوانَنا بوَجْهٍ طَلْقٍ حتى نُشِيعَ في المجتمع روحَ التفاؤلِ والأمل،
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى
الله عليه وسلم-"كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى
أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، وَأَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ في إِنَاءِ أَخِيكَ"
سنن الترمذي الصفحة أو الرقم: 1970 . كما أمرَنا – صلى الله عليه وسلم - بإفشاء
السلام بينَنا حتى تَسُودَ المحبَّةُ والأُلفة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، - رضي الله
عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " والَّذي نَفْسي بيدِهِ، لا تَدخُلوا
الجَنَّةَ حتَّى تُؤمِنوا، ولا تُؤمِنوا حتَّى تَحابُّوا، أفلا أدُلُّكم على أمْرٍ
إذا فعَلْتُموهُ تحابَبْتُم؛ أفشُوا السَّلامَ بينكم " أخرجه أبو داود (5193) واللفظ له،
والترمذي (2688)، وابن ماجه (68)، وأحمد (10650). وأمَرَنا - كذلك- بمُجالسةِ الجليسِ الصالحِ
الذي يُشبِهُ حاملَ المِسْك؛ حتى نَتلَمَّسَ من مصاحبته روحَ الصلاحِ والخير. عباد الله: وفي حديث الأنصاري الذي لزمَ المسجدَ حَزيناً
من كثرة هُمُومِه ودُيونِه، أرشدَهُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلى استبدال اليأسِ
بالأملِ والتفاؤلِ، وأنَّ عليه أن يتْرُكَ اليأسَ والتشاؤمَ ويُحْسِنَ التَّوكُّلَ
على الله -تعالى-. عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِي قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله
عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ
لَهُ: أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ: "يَا أَبَا أُمَامَةَ، مَالِي أَرَاكَ جَالِسًا
فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاَةِ؟". قَالَ هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ
يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: "أَفَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلاَمًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ
أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟". قَالَ: قُلْتُ:
بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: "قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ
وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ
الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ". قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّى دَيْنِي" أخرجه أبو داود (1555)، والبيهقي في
((الدعوات الكبير)) (305). كما نهى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن
إشاعةِ رُوحِ التشاؤمِ في المجتمع بِسَبِّ الدَّهْرِ أو الادِّعاءِ بأنَّ الناسَ قد
هَلَكوا، وأنَّ الخيرَ قد انتهى من الناس. ففي
الحديث يقول – صلى الله عليه وسلم -(قال اللهُ تعالَى: يُؤذيني ابنُ آدمَ، يسبُّ
الدَّهرَ وأنا الدَّهرُ، بيدي الأمرُ، أُقَلِّبُ الَّليلَ والنَّهارَ) أخرجه البخاري (7491) واللفظ له، ومسلم
(2246) . ونهى -صلى الله عليه وسلم- عن تقنيطِ وتيئيس المرءِ لِمَنْ حولَه مهما
كانت الظروفُ والأحوالُ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه
وسلم- قَالَ: " إذا سمِعْتَ الرَّجلَ يقولُ : هَلكَ
النَّاسُ فهوَ أهلَكُهُمْ " أخرجه مسلم (2623)، وأبو داود (4983)، وأحمد (10006) ،عبــاد الله : التفاؤلُ يَدْفعُ بالإنسانِ
نحوَ العطاءِ والتقدُّمِ، والعملِ والنجاحِ، بعون الله تعالى ، ويُولِّدُ هِمَّةً
عاليةً وعزيمةً ونشاطًا مُتجددًا، والمُسلمُ المتفائلُ مُتوكِّلٌ على الله، يعلمُ أنَّ كلَّ شِدّةٍ فَرَجُها آتٍ، يتوقّعُ
الخيْرَ، ويُحْسِنُ الظنَّ بالله الذي بيده مقاديرُ الأمورِ، ويعلمُ أنَّ الرحيمَ
سيجعَلُ بعْدَ العُسْر يُسْرًا، وبعد الضيق فرجًا، وبعد الحُزْن سُرورًا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53]. بارك
الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم إنه تعالى
جواد كريم ملك بر رؤوف رحيم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة
الثانية
إن الحمد
لله نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُ الله ورسولُه. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
[آل عمران: 102 أما بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ولْنعلم : أنَّ
أحسنَ أدويةِ المِحَن والمُلِمَّات، وأنفعَها في الحالِ والمآل: هو حُسنُ الظنِّ بالله
تعالى، من خلالِ وجودِ الفَأْلِ الحَسَن ؛حيثُ يَحْسُنُ ظنُّك بربِّك وتقتدِي بهديِ
نبيِّك -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يُعجِبُه الفَأْلُ الحسنُ،
ويكرَهُ الطِّيَرَة - وهي التشاؤُم- لأنها سُوءُ ظنٍّ بالله تعالى بغير سببٍ مُحقَّق؛
فإنَّ اللهَ -جل وعلا- يُجْرِي للعباد بالمصائِب الأجورَ، ويرْفعُ الدَّرجاتِ، ويُكفِّرُ
السيِّئاتِ، ثُم يُتبِعُها الفرَجَ وحُسنَ العواقِبِ، فكم من المِحَنِ في طيَّاتها
مِنَح!! وكم من العُسرِ أتبعَه اليُسرُ! (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ
الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح: 5، 6]، ولن يَغلِبَ عُسرٌ يُسرَيْن، غيرَ أنَّ بدايةَ طريقِ
الوُصولِ من العُسر إلى اليُسر هو الفَأْلُ وحُسنُ الظنِّ بالله، ولم يقتصِرْ تفاؤُلُ
النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- على ما يكونُ في أرضِ الواقعِ؛ بل إنه يستحضِرُه حتى
في تعبير الرُّؤَى المناميَّة؛ فقد جاء في الحديث أنَّ النبيَ -صلى الله عليه وسلم-
قال: " رأيتُ ذاتَ ليلَةٍ، فيما يرى
النَّائِمُ، كأنَّا في دارِ عُقبةَ بنَ رافِعٍ. فأُتينا برُطَبٍ مِن رُطَبِ ابنِ
طابٍ. فأوَّلتُ الرِّفعةَ لنا في الدُّنيا والعاقبةَ في الآخِرَةِ، وأنَّ دينَنَا
قد طاب" صحيح
مسلم الصفحة أو الرقم: 2270. فما أعظمَ الفَأْلَ في سِيرةِ حبيبِنا
وقُدوتنا - صلى الله عليه وسلم-، إنه لا يُريدُ لأمَّته أنْ تيأسَ أو أنْ تتشاءَم؛
لأنه لم يُبعَثْ إلا رحمةً للعالمين، يُقرِّبُهم إلى الله، ويُحيِي روحَ التفاؤُلِ،
وحُسنَ الظنِّ بالله تعالى، حتى في حالِ الدعاءِ بين العبدِ وبين ربِّهِ، يُذكِّرُنا
-صلى الله عليه وسلم- بالفَأْل فيقول: " ادعوا اللَّهَ وأنتُم موقِنونَ بالإجابَةِ، واعلَموا أنَّ اللَّهَ لا
يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ " صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 3479 فاتقوا الله عباد الله وصلوا وسلموا
على محمدٍ رسولِ الله فقد قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) الأحزاب : 56) وقال عليه
الصلاة والسلام ( من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ) اللهم صل وسلم على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتده بهديه إلى يوم الدين وارض اللهم عن الخلفاء
الراشدين أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم
إلى يوم الدين وعنا معهم بمنِّك وكرمك يا أكرم الأكرمين . اللهم اجعل لنا من كل هَمٍّ فرَجاً، ومن
كل ضيق مخرجا، ومن كل عُسرٍ يُسرا، ومن كل بلاءٍ عافية، اللهم احقن دماءنا، واحفظ بلادنا،
وألِّفْ بين قلوبنا، ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرُدَّ كيدَه في نحْره،
واجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم وفق وليَّ أمرنا لما تحب
وترضى وهيءْ له البِطانة الصالحة ، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصُر دينَكَ
وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين. اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين،
برحمتك يا أرحم الراحمين، ونفِّسْ كربَ المكرُوبِين، واقضِ الدَّيْنَ عن المَدينين،
واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم اغفر للمسلمين
والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا
حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201] عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ
وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا
عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ
عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فاذكروا اللهَ يذكُرْكم،
واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون .
الجمعة، 3 سبتمبر 2021
الجمعة، 27 أغسطس 2021
الاثنين، 23 أغسطس 2021
الأحد، 22 أغسطس 2021
حي على العلم (خطبة)
السبت، 21 أغسطس 2021
الجمعة، 20 أغسطس 2021
https://midad.com/article/222630/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD
موقع مداد