الاثنين، 1 أغسطس 2011
الثقافة والتغيير
العرب بين تغيير الثقافة وثقافة التغيير
التغيير سنة كونية وفطرة إنسانية ورغبة وجدانية دأب الإنسان منذ فجر التاريخ على حب التغيير وثقافة التغيير وسياسة التغيير فالماء الراكد يصيبه العفن ، والثقافة الجامدة يتخطاها الزمن
فبمكث الماء يبقى آسناً وسنا البدر به البدراكتمل
والعرب كغيرهم من الأمم والشعوب تأثروا وأثروا في غيرهم من النواحي الثقافية قبل الإسلام وبعده . ومن نماذج التغيير عند العرب بعد دخول الإسلام : أن الإسلام محا الخرافة واستبدل بها نور العلم ومحا الوثنية وجميع المعتقدات الباطلة وأحل محلها التوحيد الخالص ، وكان ذلك إيذاناً ببداية عصر العلم وانتهاء عصر الجهل .
وإذا كان مفهوم الثقافة الاصطلاحي عند إي جي تيلور هي : ذلك الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والعادة وكل ما يمكن أن يكتسبه الإنسان باعتباره عضواً في مجتمع .
فإننا يجب أن نكون حذرين إزاء ما يسمى بمنهج التغيير الثقافي لأن الثقافة ترتبط بالمجتمع الذي توجد فيه أي أن لكل مجتمع ثقافته الخاصة الناتجة من تراثه وأدواته المادية مع وجود قدر مشترك من الثقافة العامة للمجتمع البشري كله .
وهناك ثوابت يحافظ عليها كل مجتمع ولا يمكن للمثقف أو المبدع أن يتخطاها وإن حصل أن تخطاها أحد المثقفين أو المبدعين فإن ذلك يعد خرقاً لهذه الثوابت وتعدياً على المجتمع نفسه
وهذه الثوابت هي :
1-الثوابت العقدية : والمقصود بها احترام العقيدة التي يؤمن بها المجتمع وعدم المساس بها أو تجريحها بأي شكل من الأشكال .
2-الثوابت الأخلاقية والقيمية : وهي الأخلاق التي صار عليها المجتمع وفق عقيدته وقيمه وأعرافه وتقاليده وتراثه .
3-الثوابت الوطنية والتاريخية : فلا يتعرض تراث الشعوب ولا تاريخ الأمم ونضالها لمحاولات النيل منه وعلى ذلك فإن من ثوابت المجتمعات الإسلامية العقيدة الإسلامية متمثلة في الله تعالى والقرآن الكريم والكتب السماوية والرسل جميعاً والملائكة واليوم الآخر وكل ما يمثل ثوابت العقيدة الإسلامية فلا يجوز أبداً المساس بشيء من هذه الثوابت .
أما المستقبل العربي في ظل ثقافة التغيير فإنه يخضع لنوع الثقافة التي يشملها التغيير فإذا كان التغيير حاصلاً في ثوابت المجتمع العربي كالعقيدة والأخلاق والثوابت الوطنية والتاريخية فأظن أن ذلك يعد انسلاخاً بغيضاً وتبعية مقيتة ولا يخدم الفكر العربي ولا المجتمع العربي الذي يعتز بعروبته وإسلامه . أما إذا كانت ثقافة التغيير تركز على المنتجات المادية والمظاهر الاجتماعية والحضارية والمعرفية التي لا تمس الثوابت فإن ذلك سيصنع مستقبلاً عربياً مشرقاً ومجتمعاً مستنيراً يستفيد من ثقافة الغير مع اعتزازه بثوابته الثقافية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق